📁 آخر المقالات

مغارة الجن المرعبة 3


الجزء الثالث والأخير

 في الجانب الاخر اهتزت القرية على وقع اختفاء الصبية وتاخرهم فنسج أهلها تأويلات اهتزت لها قلوب الأباء واحترقت معها أكباد الأمهات.فلم يكن من بد أن ينطلق الرجال ومعهم الفقيه في اتجاه الكهف وإن كانت الطريق طويلة مظلمة. 

وصل الرجال المكان المعلوم وصاحوا بأعلى الأصوات فما من مجيب سوى صدى أصواتهم، ثم تقدم الفقيه بمصباحه فدخل الكهف وهو يتلو أيات من الذكر الحكيم ولحقوا به صامتين واجمين املين في وجود الصبية.

فتشوا كل مكان وبحثوا في كل الجنبات من دون أن يعثروا لهم على أثر،فعادوا أدراجهم منكسرين خائبين . وجروا معهم دراجات أبناءهم واستمروا في البحث في كل ناحية وجانب وفي كل مكان يعتقدونهم ذهبوا إليه.




قال أحدهم بعد يأس:

لبسم الله الرحمان الرحيم، وكأن الأرض ابتلعتهم.

رد الفقيه عليه بنبرة يختلط فيها الحزن والحزم:

"كنت قد حذرت من مغبات هذه المغارة، وقلت إن الاقتراب منها لغير المحصنين بالوضوء والقرآن هلاك. فالكهف مأوى الجن والعفاريت وقد تكون تخطفتهم بمساعدة الساحرة نمروخا."

قاطعه والد أحد الفتية مستغربا:

"العفاريت..السحرة .أعوذ بالله منهم.لكن مالعمل الآن سيدي الفقيه."

قال الفقيه:

"فليحفظهم الله، هو خير حفظا.ان أبقت عليهم العفاريت أحياء هذه الليلة فسندركهم بإذن الرحمان الرحيم. قد تكون الساحرة" نمروخا " ذهبت بهم إلى وادي الجماجم وهو مكان يبعد عنا مسيرة نصف يوم."

قال احدهم مستغربا:

"وادي الجماجم.ولم سموه هكذا؟"

أجاب الفقيه:

"وادي الجن والعفاريت والسحرة، يجتمعون به ليلا، ويقيمون طقوسهم .يتغدون على البشر ويعلقون الجماجم على الأشجار.المكان خطير جدا ساذهب اليه مع بعض الفقها الحافظين لكتاب الله."





**********

انطلق الفقهاء صوب الوادي ولم يبلغوه إلا بشق الأنفس. زادهم ثمر ولبن وخبز وقلوبهم ملئى  بالإيمان وبالقرآن. وصلوا وادي الجماجم قبيل اختباء الشمس  في كبد السماء.

لحظة لمحوا الفتية فاقتربوا منهم فوجدوهم يجلسون القرفصاء وهم متجمدون مكانهم، لا كلام ولا حركة، تحيطهم دائرة خطت من رماد. قال الفقيه:

"الحمد لله أنهم أحياء"،ثم أضاف:

"هذا من عمل الشيطان من عمل تلك الساحرة نمروخا. إنها جمدتهم بسحرها في انتظار حلول الظلام ومجيء أصحابها.لكننا باذن الله سنحررهم قبل المغرب."

وقبل شروعهم في حل طلاسيم الدائرة باغثهم غراب كبير الحجم ،وقع بعيدا عنهم وهو يهددهم:

"اليوم ستصبحونون عشاء لاهل هذا المكان."

أجابه الفقيه:

"فلتظهري في مظهرك البشع أيتها الساحرة اللعينة".

 ثم أخذ يتلو قوله تعالى: ولايفلح الساحر حيث أتى ورددها أكثر من مرة فاستحال الغراب إلى أدمية لاتسر الناظرين، قالت:

"هذه مملكتي ومملكة أصحابي وأهلي من العفاريت. اليوم بل الليلة سنزيدكم على الفتية ونستمتع بكم. الليلة الليلة..."



لم يجبها الفقيه وإنما انخرط في قراءة كل ايات السحر إلى ان اختفت من أمامهم جميعا ولم يعد لها أثر. فطلب من أصحابه أن يحلقوا حول الدائرة ويشرعون في القراءة ...ففعلوا ما أمرهم به فاختفت الدائرة ودبت الحركة في الفتيان.

قال مبارك:

"حفظك الله سيدي الفقيه لقد خلصتنا."

أجابه الفقيه:

"لكن كيف أبقوا عليكم ولم يعلقوا جماجمكم بالاشجار ليلة البارحة."

أجابه ريان:

"تذكرنا قولك ذات يوم :أن سورة البقرة طاردة لكل الشرور. فصرت أقرأها واكرر الايات حتى أدركنا الفجر فاختفى كل شيء ."

قاطعه سالم:

"ولما هممنا بالرحيل اعترضت طريقنا زعيمتهم نمروخا وقالت سأجمدكم إلى المساء.هذا اخر ماسمعناه الى هذه اللحظة."

قال الفقيه:

"الحمد لله ..لنرحل من هنا قبل حلول الظلام. والحكمة يا أبنائي هي أن تحتاطوا ولاتجازفوا بحياتكم ويغامروا بكل شيء.هذه الحكمة الأولى"

"أما الحمكمة الثانية :هي لاملجا من الله إلا إليه.فالقران مخلص من كل الاثام والشرور. وهاهو اليوم خلصكم من هذه المحنة."

وعاد الفتية إلى القرية وإلى أحضان والديهم وقد تعلمو الدرس.


النهاية



توقيع :عبد الكريم التزكيني

تعليقات